كتبت: نهى إبراهيم
صوت العظيمة فيروز على الموبايل مع صورة فنجان القهوة وغلاف رواية لأحد
كتاب العصر الحديث، هي المعادلة الأنجح والأشهر لجيل الإنستجرام والفيسبوك،
عليك يا صديقي أن تثبت للعالم أنك أصبحت عميقًا بسماع فيروز وقراءة
الروايات وشرب القهوة بصورة يومية، تلك المعادلة التي قد تجعلك محاط
بالاحترام بين أبناء جيلك!

الحقائق التجارية أثبتت إن مبيعات الكتب رجعت للارتفاع بعد سنين من الركود،
وأصبح من المعروف إن بعض الكتاب الشباب بقوا أشبه بالنجوم وحظوا بشهرة
كبيرة وسط أبناء القرن الواحد والعشرين، وبقى من الواضح إن ملايين من سكان
شبكات التواصل الاجتماعي حظوا بقراءة روايات، الفيل الأزرق وهبيتا.. وغيرها
من الروايات وده واضح من خلال الصور المنشورة علي إنستجرام.
وتحولت شبكات التواصل الاجتماعي لساحة حرب للصراع علي لقب من هو صاحب العدد الأكبر من الروايات ومن هي الأكثر سماعًا لفيروز في الساعات الأولي من الصباح، الكل عميق والكل راقي في زمن خلى فيه الشارع المصري من أي مظهر للرقي!
في الواقع إن حال القراءة يشبه الحال العام للجماهير من سطحية وتشبث بالمظهر الخارجي، الكل يبحث عن الغلاف من غير المضمون، الكل بينشر على صفحاته صور لفيروز في دولة أصبحت فيها الأغاني الشعبية الأكثر مبيعًا وانتشارًا في الشوارع والأفراح والبيوت، كما هو حال القراءة اللي من المفترض إنها تساعد في تشكيل وعي وتغيير اتجاهات المجتمع، ولكن الواقع بيوضح إن روايات 2015 ساعدت في تغيير حركة السينما فقطـ، نظرًا لاتجاه الكثير لاستثمار حالة رواج الروايات بتحويلها لأفلام سينمائية في محاولة لإنقاذ الركود اللي بيشهده الانتاج السينمائي والدرامي.

وسط كل الغيوم، توقفت لأسأل نفسي، إن كان ينقصني عمق بسبب ابتعادي عن شرب القهوة مثلاً؟! فبالرغم من عشقي لفيروز ولمنير ولروايات البعض من كتاب هذا الجيل، إلا إنني بالفعل استصعب حتي شم رائحة القهوة وهي مشكلة خاصة بي، وبتلك المشكلة هل يراني العالم ناقصة وذات علّة بسبب عدم اكتمال أركان العمق المصرية!
ومن الواقع إلى الخيال، ماذا لو قرر موقع إنستجرام منع نشر أي صورة لغلاف كتاب أيًا كان، هل سيستمر تسابق البعض على اقتناء الكتب؟ هل نحن بحاجة لعمل امتحانات لكل قارئ بعد شراءه أي كتاب للتأكد إذا ما كان استفاد منه؟
وماذا عن رأي كُتاب الجيل، هل ساعدوا في تحويل الكتابة إلى "سبوبة" كالعديد من الأشياء في بلدنا، هل أصبح من شروط الكتاب المصري احتواءه علي مئات من الإيحاءات والأفاظ الخارجة لجذب عدد أكبر من الشباب؟ هل يعتبرون أنفسهم موضة وسوف يمر وقتها؟ أم سنرى فيهم بعد سنوات إحسان عبدالقدوس؟
بلا شك نعشق كتابات الكثير منهم ونستشنق ما يقومون من إبداع وموهبة حقيقية، ولا شك في أن صوت فيروز هو الأعظم في التاريخ ومن المستحيل ألا يعشقه القلب، ودون شك أن للقهوة متعة ومذاق راقٍ ومختلف، والأهم هو أن بالفعل هناك العديد من الشباب الذين انجرفت أرواحهم إلى عالم العمق الحقيقي ولا يسعون لأي "منظرة".. والمؤكد أننا أمام حالة غريبة ومنتشرة تحتاج إلى وقفة وربما لتحليل، حالة تلفت الانتباه وربما بعد عام من الآن تختفي تمامًا أو تتغير إلى سطحية أكبر أو لعمق حقيقي.. فدعونا ننتظر.. ثم نرى!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق