السبت، 13 يونيو 2015

الشلاتين ..المدينة الساحرة.. المهمشة!





قرابة الثلاثة والعشرين ساعة من السفر المتواصل على محطات ومحافظات مختلفة وبوسائل مواصلات متنوعة وصلنا إلى "الشلاتين".. معاناة سفر بدأناها من الإسكندرية إلى الغردقة إلى القصير إلى مرسى علم ثم أخيرًا إلى "الشلاتين" على مسافة قدرناها بـ 1000 كيلو متر..
معاناة السفر تلك أنستها لنا الطبيعة الساحرة والمناخ الرائع للمدينة وحسن الاستقبال الرائع من أهل المدينة..
تقع مدينة "الشلاتين" جنوب مدينة
 الغردقة بمسافة 520 كم، محافظة البحر الأحمر، ويبلغ تعداد سكان "الشلاتين" والقرى التابعة لها )أبو رماد، حلايب، رأس حدربة، الحميرة، وأبرق) حوالي 27.000 نسمة، ومساحتها 20.000م²

الشيخ "اوشيك"
 محرر بوصلة يحاور الشيخ أوشيك


تحدثنا مع الشيخ أوشيك أحد شيوخ القبائل في مدينة الشلاتين والذي قال: تعيش في مدينة الشلاتين وقراها قبائل العبابدة والبشارية، ولهذه القبائل عادات خاصة، لا يزالون يحافظون عليها، أهمها شرب الجبنة، التى تعد المشروب الرسمى لحفلات السمر والسهر، ويتحدث سكان المنطقة لغة تدعى الرطانة أو البداويت، ويحتكم الأهالي للعرف ويلجأون لكبير القرية في حل مشكلاتهم.
وحول عادات الزواج، يفضل أهالي قرى الشلاتين الزواج من أبناء عمومتهم، وكل قبيلة لها مهر يتراوح ما بين ناقة عشار أو اثنتين، يتم تقاسمهما بين العريس والعروس، والزواج يتم بشكل عرفي من خلال الإشهار ولا توجد قسيمة، لكن يتم عملها بعد ذلك لتسجيل الأولاد، ويقدم العريس لأخوال العروس وأعمامها 4 جمال وعادة ما يتركونها للعروس 

حفل الزفاف يستغرق مدة أسبوع لكنه تقلص في السنوات الأخيرة إلى ليلة أو اثنتين، ويشترط أن تكونا الخميس والجمعة أو الأحد والاثنين من كل أسبوع، ويتحمل العريس شراء جميع المنقولات باستثناء أدوات المطبخ وعدة الجبنة التى تتحمل نفقاتها العروس، وفى الحفل يرقص الشباب الرقصات التقليدية بالسيف وتدعى (الهوسيب).
من أشهر الأكلات في المنطقة العصيدة باللبن و«اللقمة»، وتعد الجبنة هى أهم المشروبات، طوال السنة حتى في شهر رمضان، و«اللقمة» وهي أكلة مكونة من دقيق ذرة يخمر على النار مع لحمة مفرومة هى الوجبة المفضلة في المنطقة.
 محرر بوصلة على أراضى مدينه شلاتين


رغم وقوع مدينة الشلاتين وقراها على ساحل البحر الأحمر، إلا أن سكانها لا يأكلون السمك، لارتباط ذلك بعادات قديمة عندهم، فهم في الأصل رعاة يفضلون لحوم الغنم والإبل، ولم يعتادوا أكل السمك أو الدجاج، لكن حرفة الصيد بدأت تعرف طريقها إلى المدينة، وامتهن عدد من السكان مهمة الصيد، خاصة أن السمك أصبح مصدراً مهماً للرزق، إذ يبيعون حصيلة الصيد للتجار القادمين من محافظات مصر المختلفة.
ويسكن صيادون الشلاتين وهى منطقة على ساحل البحر الأحمر تعرف باسم قرية الصيادين، وكغيرهم من سكان المدينة يقيم هؤلاء على أراضي وداخل منازل لا يملكونها، ويشكو هؤلاء من عدم إنشاء وحدات توطين لهم في قرية الصيادين، وبيع أراضى القرية لمستثمرين.

رئيس مدينة الشلاتين
وحول مقومات المدينة والخدمات تحدثنا مع اللواء وجيه محمد المأمون  رئيس مدينة الشلاتين والذي أكد أن الشلاتين بها مقومات طبيعية تعتمد على البيئة الطبيعية البرية والبحرية والمحميات الطبيعية.
يتميز مركز شلاتين بالثروة السمكية، وكذلك تتميز بخصوبة أراضيها التي تعتمد في ريها على كل من المياه الجوفية  ومياه الأمطار  شلاتين وحلايب وأبو رماد.. من أهم الأماكن التي يمكن أن يقام بها مشاريع تربية وتثمين الحيوانات وهذا لاحتوائها على حوالي 60 بقعة ذات مياه جوفية بمساحة حوالي 100 كم مربع مما يساعد على تربية الماشية والأغنام والجمال والخيول

 محرر بوصلة فى أراضى شلاتين



سوق الجمال
وتملك المدينة عدة مقومات سياحية، ومن بينها السوق الدولية وتبة الجمال التي تجذب سياحة اليوم الواحد، والمدينة أنشأت 42 تبة للجمال، وهي المكان الذى يتم تحميل الجمال منه بعد بيعها، ويكون لكل قبيلة مكانها للعمل.


مشاكل الصحة و التعليم

ويعاني أهالي الشلاتين من ضعف الخدمات الصحية، وعدم وجود أدوية في مستشفى المركز، ويضطر المرضى للسفر إلى مستشفى القصير، على بعد 350 كم، للعلاج كما أن معظم الأطباء والمدرسين من محافظات مختلفة وليس من أهل الشلاتين.
مثلث حلايب وشلاتين يحوى بداخله على ثروات معدنية كثيرة من أهمها الذهب والفوسفات والمنجنيز.
إلا أن المدينة تعاني من إهمال كبير في قطاع الصحة والتعليم، والدولة في الأونة الأخيرة بدأت تنظر إليها حيث تم بناء بعض الوحدات السكنية وتطوير المستشفى والمدارس فى المنطقة كما يتم الآن بناء مجزر آلي وذلك للاستفادة منه في توزيع اللحوم على مستوى الجمهورية سريعًا إذ تأتي المواشي من السودان والتي تأخذ وقت طويل في شحنها إلى المحافظات بالإضافة إلى التكاليف الباهظة ولكن ذلك المجزر سيوفر الكثير من الأموال والوقت.

أهل المدينة

وأثناء تجولنا في المدينة تحدثنا مع أهلها عن معاناتهم وآمالهم كما تحدثنا مع بعض التجار السودانيين الذين يأتون إلى مصر لكى يستوردوا لبلادهم الأجهزة الكهربائية وكذلك بعض المنتجات المصرية مثل "الحلاوة الطحينية" ويصدروا إلى مصر بعض المنتجات مثل "السمسم" وكذلك يصدروا الجمال والمواشي.
 
المدينة تحتاج إلى الكثير من المشروعات والاستثمارات فبإمكانها أن تصبح من أهم المدن المصرية نظرًا لموقعها الحدودي المتميز وكذلك إطلالها على البحر الأحمر وما بها من ثروات معدنية تجعلها من أغنى المحافظات.
 
كانت هذه إطلالة سريعة على واحدة من أجمل المدن المصرية المهمشة والبعيدة عن أنظارنا في محاولة للفت النظر إلى ذلك المدينة الرائعة، فبالرغم من معاناة السفر إلا أنها واحدة من الزيارات التي ستبقى محفورة في ذاكرتنا ولن تنسى.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق